قصة شبه حقيقية


قبل أن نبدأ:

1- كثير من المناسبات السارة هذه الأيام أدام الله الفرحة والسرور على الجميع، فرح د. محمود اسماعيل يوم الاثنين القادم، اما المفاجأة الثانية السارة فهى بعد أن عملها السبعاوى فقد رزقه الله منذ أسبوعين تقريبا بمولودته الاولى "سيرين" نسأل الله أن يبارك له فيها وأن يجعلها قرة عين لوالديها، ومناسبات اخرى لعل منها فوز المنتخب المصرى بأمم أفريقية بعد مباراة مصرية جزائرية رائعة ممتعة مشوقة .

2- أعتقد أن هناك الكثير من المناسبات التى يجب على تسجيلها والتهنئة بها ولكن أعتذر لكل إخوانى واحبابى الذين أقصر فى حق أفراحهم ومناسباتهم، وعملا بمبدأ ما لايدرك كله لا يترك جله فأحاول تسجيل ما يسمح لى الوقت والفكر بتسجيله، وإن كان تسجيلى لبعض المناسبات دون أخرى لا يعنى أبدا ان يكون ابتهاجى بالمناسبات الاخرى وفرحتى بها يضاهى ويشابه فرحى وسعادتى بالمناسبات التى أسجلها.

3- أخيرا انصحك بعدم قراءة السطور التالية إلا إذا كان لديك ملل من الانترنت والأشياء المفيدة، ولديك بعض الوقت تشعر فيه بالفراغ، أو لو كانت لديك رغبة عارمة قوية آنية فى أن تصل لأقصى مراحل الغيظ والانفعال، أو أن يدفعك فضولك الذى لا تستطيع مقاومته لقراءة السطور التالية، والتى احترت كثيرا فى الاسم الذى اختاره لها، حتى استقررت على اسمها الذى أنشرها به وهو ...

قصة شبه حقيقية

مشهد (1)

أنهيت بعض مهامى من تفقد المرضى فى أدوار المستشفى ثم تحركت نحو قسم الباطنة الذى اعمل به، المستشفى تبدو هادئة واضاؤتها خافتة فنحن فى ساعة متأخرة من اليوم وقد خفت الحركة وقلت الأقدام وانتهت الزيارات وركن المرضى إلى أسرتهم منتظرين اشراقة يوم جديد آملين أن يكون أفضل، وما إن اقتربت بهدوء من قسمى حتى سمعت صوت الممرضة تتحدث إلى الدكتور "س" والدكتورة "ر" وكان الحديث يدور حول استعدادات حفل زفاف الدكتورة "ر" ثم انتقل سريعا إلى الدعاء للدكتور "س" بأن يرزقها الله ابن الحلال وأن تلحق بزميلتها دكتورة "ر" فى قافلة المتزوجات قريبا، عند هذه النقطة تحديدا وجدت انه من الأفضل لى أن أستدير للخلف وأنطلق فدخولى فى هذه اللحظة تحديدا سيعتبره الجميع وكأنه رسالة ربانية واجابة عاجلة للدعاء الذى دعى به للدكتورة "س"، بالتأكيد لست مغرورا حتى أظن أن الدكتورة "س" أو اخواتها من بنات حواء يرون فى شخصى فارس المستقبل أو انها سيغمى عليها حين ترانى قد دخلت متزامنا مع الدعاء من فرط فرحتها بهذا العريس، ولكن الأمر لا يسلم ربما تشعشع الفكرة فى اللاوعى الخاص بالدكتورة "س" - فلا أظن وعيها سيقبل الفكرة- وربما تكون هى أيضا من انصار نظرية ميكروباص التيسير الذى وعدتكم من قبل بأن احكى لكم قصته ولكن لم يتحقق الوعد بعد.


مشهد (2)

اطمأننت إذا أن القسم به طبيبة نوباتجية وأن المرضى سيكونوا فى رعايتها حتى الصباح، لذا قررت أن أفر من المستشفى هاربا من لاوعى الدكتورة "س" إلى المنزل فلست الآن فى حالة مزاجية تسمح لى بالارتباط لا بالدكتورة "س" خصوصا ولا بأحد الطبيبات عموما، على كل وبينما استرق خطواتى للرحيل اذا بى أجد احدهم على سلم المستشفى يسلم على، وقد عودت نفسى أن أقابل مثل هؤلاء الأشخاص بترحاب شديد وكأنه صديقى من أيام الحضانة وكأننا نعرف بعضنا البعض منذ بداية البشرية، برغم أنى فى الحقيقة لا أتذكره ولا أعرف متى رأيته ولا أين ولا لماذا، ولكنه بالتأكيد احد المرضى الذين تعاملت معهم او مرافقيهم، ولم يكذب الحدث فما هى إلا دقائق حتى ظهر قريبه وهو مريض قمت بحجزه فى المستشفى على ما أتذكر لتلقى بعض العلاج وتم اكتمال جزء من علاجه وهو الآن فى طريقه للخروج من المستشفى، نزلت السلم بصحبة قريب المريض فوجدته يشكى لى من التأمين الصحى واسراع الأطباء بأخذ قرار خروجه من المستشفى دون ان يتعافى تماما، فأخبرته أن المريض بفضل الله أفضل كثيرا من حالته التى دخل بها فقد قمت أنا بادخاله واتذكر حالته حينها، فقال نعم الفضل لله أولا على تحسن حالته ثم الفضل يرجع .... هنا أخذت نفسا عميقا واستعددت لكلمة الثناء التى سيلقيها على بانى صاحب فضل عليه بعد الله فى أن كنت وسيلة من وسائل شفائه بأمر الله وأعددت الرد لهذا الثناء، إلا أنه أخلف توقعاتى وأكمل عبارته ثم الفضل يرجع للأطباء الذين أشرفوا على حالته فى القسم، يبدو أن ذنب اللاوعى الخاص بالدكتورة "س" بدأ ينتقم منى، وأكمل الرجل ملاحظاته على نظام التأمين وعيوبه وبحث التأمين عن التكاليف الأقل حتى لو كانت على حساب كفاءة الدواء وفاعليته، حينها أيدت كلامه وتعجبت معه من استعداد التأمين لصرف عشرة وعشرون وثلاثون واربعون ألفا على عملية تتم لمريض التأمين ولكنهم يبخلون بدواء قد لا تتجاوز تكلفته 400 جنيه، ولكنى استدركت قائلا " ولكنه لا يقدر صنائع الرجال إلا أهل الفضل، وهناك من تعب وبذل جهدا ليتحول مشروع كالتأمين الصحى من سطور واحبار واوراق إلى مستشفيات وأطباء ومرضى وعلاج، وإن كانوا أخطأو فى بعض الأمور فقد اجتهدوا وأصابوا فى أمور أخرى، ثم ودعته متمنيا لمريضه تمام الشفاء وانطلقت نحو ناصية الطريق أبحث عن وسيلة مواصلات تقلنى للمنزل


مشهد (3)

على ناصية الطريق رأيته قادما من بعيد طاعنا سنه منحنيا ظهره متكئا على عكازه يمشى ببطء وهدوء وقد حفر الزمن فى وجهه تجاعيد وأخاديد من طول الأيام والليالى التى قضاها فى هذه الحياة، رحبت به وسلمت عليه فهو أحد مهندسى فكرة التأمين الصحى، سألته عن صحته فأجابنى بلهجة يملؤها البؤس واليأس كلمات لا تخطئ فيها العين ولا الأذن الشعور بالوحدة والألم، أخبرنى أنه يتلقى علاجا معينا غالى الثمن لا يتم توفيره فى التأمين وهو العلاج الهام والفعال لتستقر حالته، واستدرك بألم وبشعور الأب حين يرى عقوق بنيه انه قد بذل لهذا التأمين من جهده ووقته وفكره ما بذل ثم كان هذا جزاؤه حين مرضه أن لا يرد له حسن الصنيع ولا يكافأ على الجميل بالجميل، فى هذه اللحظة تقافزت عبراته فلم أجد من شيئ أفعله سوى أن أقبل رأسه وأخبره أن "رأسا قد قدمت ما قدمت من خير وحسن صنيع لا بد لنا أن نقبلها عرفانا وشكرا وتقديرا واحتراما لها."


مشهد (4)

عطست بعد العطسات وأنا على سريرى، أضأت "الأباجورة" بجوار سريرى، نظرت إلى الساعة فإذا بها الرابعة فجرا، أخذت أفكر فى تلك الأحداث والمشاهد وغرابة هذه الدنيا وكان أكثر ما يشغل بالى أمرين
الأمر الأول هو أنه فعلا كثيرا ما نطلق الأحكام المتسرعة دون روية، وأنه علينا لكى نصل للحكم الصحيح فلا بد أن نستكمل أبعاد الصورة أولا، فبالتأكيد حكم قريب المريض كان سيختلف لو رأى هذا الرجل مهندس التأمين وما يعانيه.

الأمر الثانى الذى شغلنى هو قدرة عقلى اللاواعى على صياغة قصة كاملة المشاهد فى المنام، يبدو أنه لدى حسا قصصيا قديما، ولكن بالتأكيد ليس مسليا أن أكتشف هذا الحس فى الرابعة فجرا وعندى فى الصباح الباكر عمل فى المستشفى علىّ أن أستيقظ له مبكرا، وإن تأخرت لن يتهاون معى احد ولن يقبل أحدهم رأسى أو يصفق لى على موهبتى الأدبية الليلية التى تظهر فى المنام، بل سيكون التوبيخ والتأنيب وربما تجاوز الأمر ذلك وزوجونى مكرها بالدكتورة "س" ليكون الزواج تأديب وتهذيب واصلاح، أطفأت "ألأباجورة"، عطست ثلاث عطسات اضافية، جذبت الباطنية من اخمص قدمى إلى أعلى رأسى وذهبت فى النوم من جديد لأرى ما حدث للدكتورة "س" و المرضى يتقاتلون من حولى و خخخخ.. خخخ ... خخ ...


ملحوظات:

1- كل أحداث القصة هى أحداث حقيقية ولكنها غير حقيقيةبمعنى أنها فعلا حدثت كما رويتها ولكنها لم تحدث فعلايييه نفس المعنى برضه وفسر الماء بعد الجهد بالماء، أكيد انتم فاهمين أنا أقصد ايه

2- أعتذر لكم ان كنت قد أضعت وقتكم الثمين فى ترهات أحلامى ولكن هذه ضريبة لا بد أن تدفعها من وقت لآخر اذا كنت من زوار هذه المدونة

3- إن لاقت هذه القصة استحسانكم أو لم تلاقى فأنتم على موعد مع دراما ولكنها هذه المرة دراما حقيقية من واقع سجلات استقبال المستشفى الذى اعمل بها، انتظرونى قريبا والدراما الحقيقية " عن مراحل العمر المختلفة .. أتحدث"

8 التعليقات:

  1. FadFadA يقول...

    حبيبي و صديكي
    اول مرة أعلق عندك
    و اردت ان اسجل اعجابي الشديد بكتاباتك
    دمتم و دام قلمكم و دام حسكم اللاوعي القصصي
    ثم أما بعد
    لاحظت في تدوينتك جملة شاردة تقول فيها "فلست الآن فى حالة مزاجية تسمح لى بالارتباط لا بالدكتورة "س" خصوصا ولا بأحد الطبيبات عموما"
    و هذا يعني - مما لا شك فيه - أنه لا مانع لديكم في الارتباط بغير الطبيبات
    و بناء عليه - ممكن أعرف حضرتك طنشتني ليه في الموضوع اللي كلمتك عليه ووعدتني أنني سأراك في اليوم التالي ؟؟؟

    نصيحة يا دكترة كثيرا ما نطلق الأحكام المتسرعة دون روية، وأنه علينا لكى نصل للحكم الصحيح أن نستكمل أبعاد الصورة أولا - اممممم أعتقد أنني قرأت هذه الكلمات في مكان ما و لا أتذكر أين ... المهم - دعنا نجلس سويا ثم اترك الحكم بعد سماع الحيثيات

    و رفعت القضية

    محمد عبدالله

  2. منة الله يقول...

    طريف للغاية إسلوبك في السرد ..

    إنتقلت معه بسلاسة من الإبتسامة إلى شئ من الحزن و الشعور بالشفقة و أخيراً إلى الإعجاب بالمفردات و المعاني ..

    فليبارك الله هذه الترهات :)

  3. Unknown يقول...

    ايها الاديب لابد ان تدون عن قصتك مع الدكتورة ف ونتمنى نشوفك قريبا مرتبط بدل المصايب الا انت عاملها فى المستشفى
    إسلام أبو الفتوح

  4. أحمد السباعـي يقول...

    ألف ألف سلامة ياجعلوني
    والله كان الله في عونك


    وحسيت بيك لما رحتلك المستشفى


    يعني ايه دكتور يجيله واحد والامن مايرضاش يدخله
    دي مهزلة
    ههههههههههه

  5. ومضات .. أحمد الجعلى يقول...

    م. محمد عبد الله يا مراحب يا مراحب

    واعتقد ان ما يسرى على دكتورة "س" والطبيات يسرى على كل بنات جنسهن ولو لامد قريب
    (:

    شرفت بزيارتك وتعليقك الأول


    منة الله
    ******
    جزاكم الله خيرا على المرور والتعليقك وحقا رفعتم معنويات ترهاتى
    (:
    مشكور المرور والتعليق وسلامى للدكتور

    إسلام أبو الفتوح
    ***************
    لازم يعنى نجيب سيرة د"ف" أهى كانت فى العناية المركزة بعد الموقف العظيم اللى حصل
    بس الحمد لله حتى الآن لا تلوح فى الأفق نتائج سلبية للمعركة
    (:

    سباعى
    *****
    الله يسامحك يا سبعاوى لازم الفضايح دى، أنا غلطان انى استضفتك فى المستشفى واعطيتك هذا الشرف العظيم، ولا كل ده علشان مش عزمتك على زجاجة جلوكوز او حقنة باسكوبان.
    بس بقى بدل انت خلتها فضايح بفضايح فانا لازم اقول للناس انى عزمتك بعدها على "نص ضربة" من فرغلى بالحجم الكبييييييييييييييير
    (:
    سلامى للست سيرين

  6. ســـارة يقول...

    ترهات لطيفة ذات قيمة .. بوركت المدونة وبوركت الترهات

  7. Health Yatra يقول...

    Thank you, that was just an awesome post!!!

  8. Diseases and Conditions يقول...

    Thank you, that was just an awesome post!!!


Blogger Template by Blogcrowds


Copyright 2006| Blogger Templates by GeckoandFly modified and converted to Blogger Beta by Blogcrowds.
No part of the content or the blog may be reproduced without prior written permission.