ومضات

إنهم ينظرون إلى

عائد من الفيوم حيث أقضى فترة تكليفى، جلست فى "الميكروباص" بجوار النافذة وأخذت أتطلع منها لهذه الصحراء المترامية الأطراف، انظر إليها فى غير تركيز أفكر فى أى شيئ وفى كل شيئ دون ترتيب، وبعد مدة من الطريق انتبهت إلى هؤلاء القوم فى الناحية الاخرى..

تطلعت إليهم فوجدت انهم ينظرون إلى.. ينظرون إلى فى صمت ولا ترتفع أعينهم عنى.
مدة دقيقتين والسيارة تسير فى الناحية الأخرى وهم فى أماكنهم يتطلعون إلى.
بعد أن تجاوزناهم أخذت أفكر فى حالهم....

أشفقت عليهم أن تركو المدينة بكل بهائها وزخارفها ومتعها ليعيشوا فى هذه الصحراء القاحلة

أشفقت عليهم من هذه الشمس الحارقة التى يعيشون فيها ويتعرضون لها كل صباح

أشفقت عليهم من ظلمة الليل الحالكة وبرودته التى يعيشون فيها ليلا

أشفقت عليهم من هذه الوحشة التى يحيون فيها بدون وسائل ترفيه ولا تسلية

أشفقت عليهم فليس لديهم أى من مظاهر الحضارة التى نعيش، فليس لديهم لا ماء ولا كهرباء، ليس لديهم مدارس ولا محلات ولا متنزهات.

أشفقت على أهاليهم الذين تركوهم فى المدينة ليقيموا هنا، فبالتاكيد لديهم أبناء يحتاجونهم وازواج يفتقدونهم وربما أمهات وأخوات وبالتأكيد لهم مصالح هنا وهناك معلقة تنتظرهم.

وخطر فى بالى تساؤل لماذا كانوا ينظرون إلى بهذا التركيز يا ترى؟؟

يا ترى ما هى الرسالة التى كانوا يريدون أن يقولوها لى ولكن لم يسعفهم الحال؟؟

ويا ترى هل كانوا يريدون منى أن أسدى لهم خدمة ما ولكنى خذلتهم؟؟

هل أرادوا أن يحملونى برسالة لأهليهم ولكن لم امهلهم الوقت لذلك؟؟

وياترى كم من الوقت سيقيمون فى هذا المكان وحتى متى؟؟

قلبت كفا بكف وأغمضت عينى وسرحت بخاطرى من جديد فى صحراء الطريق ولسانى يردد:
"السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم السابقون ونحن بكم عن قريب لاحقون وإنا لله وإنا إليه راجعون"

للتعليق اضغط هنا