غزة أبى طالب .. والوجوه الأربعة


قبل أن نبدأ:

1- متر الوطن بكام؟؟ سؤال أعتقد انه سؤال مشروع يتسائله م.هيثم أبو خليل فى مدونته متر الوطن بكام

2- من خلف قسوة القضبان وبرودة الزنزانة د.امير بسام يكتب سطورا تدمى القلب ويناديكم صلوا معى من أجل آلاء

3- كم هو جميل أن تعيش الحلم، كم فرحت شخصيا وعبر الكثيرون عن فرحتهم و تهنئتهم لشاهنشى حينما اشترى سيارته التى كان يحلم بها، ولكن ترى كيف تصاغ الكلمات إذا كان هذا الحلم إنسانيا، وكيف تكون المشاعر إذا وئد هذا الحلم، اقرأو ذلك -عافاكم الله جميعا من الوقوع فيه- على لسان أمية جحا وهى تكتب عندما يئدون حتى الحلم

4- ولا زال بوش يعيث فسادا فى الشرق الاوسط برؤاه وحلوله لتصفية القضية الفلسطينية، ولازالت غزة تحت الحصار تئن لذا كانت هذه الكلمات، التى إن لم تجد وقتا لتقرأها أو لم تعجبك صياغتها، فلا أقل -رجاءََ- أن تقرأ الأبيات فى آخرها


غزة أبى طالب والوجوه الأربعة

كثيرٌ ما يتبادر للذهن - وعبرت عنه بعض المقالات- فكرة مقارنة حصار غزة بحصار الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين فى شِعب أبى طالب، فلست أورد جديدا بهذه المشابهة، ولكن أردت أن أستوقف التاريخ وأبحث فى قصة شِعب أبى طالب عن أبطال القصة وأدوارهم، وتوقفت عند هذه الوجوه الأربعة.

• الوجه الأول: أبو جهل

الذى قام محرضا، وبذل الوقت والجهد لنشر تلك المقاطعة والحصار على أهل شِعب أبى طالب.

ولا زالت غزة أبى طالب فى يومنا هى الأخرى تعانى من "أبى جهل" كان هذا الاسم شخصا أو مجموعة باعت قضيتها وقيمها وثوابتها، من أجل عرض قريب زائل، أو من أجل مطمع شخصى.

ولم يستفد "أبو جهل" العصر الحديث من الماضى ودروسه وعبره، ولم يستقرئ التاريخ ليرى كيف كانت نهاية أبى جهل وموته ميتة ذليلة.

• الوجه الثانى : هشام بن عمرو

وهو أحد رجالات قريش قام يجمع الناس على نقض الوثيقة قائلا لبعض نفر من قريش : ".... إننا والله قد ظلمنا أهلنا وأقاربنا ، وإن ما فرضناه عليهم لجهل منا وظلم ما بعده ظلم ،..... أفترضون أن نأكل ونشرب ونلبس الثياب ، ونبيع ونشتري ، وننام هانئين قريرى العين ، ونصول ونجول ؟ ، وبنو هاشم والمطلب في الشعب محاصرون مقاطعون ، لا طعام عندهم ولا شراب ،.... والله إننا لنغدو سخرية العرب إن واصلنا مقاطعتنا لهم والتشديد عليهم . "

فهل منا فى عصرنا "هشامٌ" يقوم يزود عن الحق، يزود عن النخوة والمروءة والكرامة؟؟

هل منا فى عصرنا " هشامٌ" يستمع لأنات الأطفال الجياع وتأوهات المرضى على أسرة المرض ينتظرون الموت الذى حصد لتوه أكثر من 60 نفسا منهم، فينتفض ويثور وينهى هذا الحصار الظالم؟؟

هل منا "هشامٌ" يقف لأمريكا بظلمها وطغيانها وتجبرها فيرفض تحيزها السافر للكيان الصهيونى البغيض، وهى تقتل فلسطينى غزة بدم بارد تحت وطأة حصارها؟؟

هل منا "هشامٌ" يجمع صفوف العرب والمسلمين فيمد يدا تشد على أيدى أهلنا فى غزة، تضمد جراحهم وتمسح دمعهم وتواسى مصابهم؟؟

ترى هل منا "هشامٌ" يقوم فيقول كما قال هشام بن عمرو "والله إنا لنغدو سخرية العرب إن واصلنا مقاطعتنا لهم والتشديد عليهم" ؟؟

• الوجه الثالث : أبو طالب

عم الرسول –صلى الله عليه وسلم- والذى رفض أن يسلّم النبى لقريش كى يقتلوه وأمر بنى هاشم وبنى المطلب أن يدخلوا إلى الشعب ويحفظوا حياة رسول الله، وكان يبيت سهرانا على حمياته، ويوزع الحراس ويطلب من الرسول – صلى الله عليه وسلم – تغيير مكان مبيته حتى لا يصل إليه غادر أو ماكر، وظل يزود عن ابن أخيه رسول الله حتى أفضى إلى ربه.

ولا زلنا فى عصرنا نلمح هناك "أبى طالب" فى كل صاحب رأى حر يدافع ويناضل عن أهل غزة ويرفض حصارهم.

لا زال "أبو طالب" يحيا بيننا فيما يخطه كل قلم شريف متضامنا مع غزة وأهلها، وفاضحا لجرائم الاحتلال وتدبيره.

لا زال "أبو طالب" يحيا بيننا فى كل إنسان يتألم للأهوال التى تلقاها هذه الإنسانية المعذبة فى غزة من جوع وظمأ، وعرى ومرض.

لا زال "أبو طالب" يحيا بيننا فى كل قلب أنكر هذا الجرم الآثم، واختلطت دموعه بدعائه سائلا المولى أن يفرج الهم، ويزيح عن الكواهل هذا الكابوس والغم.


• الوجه الرابع : هم أهل الشعب

صبروا على مرارة تلك الحياة وقسوة هذا العيش، صبروا أكثر من ثلاث سنوات يأكلون الجلود والأعشاب، ينامون على الأرض ويلتحفون السماء.

صبروا ليحموا حياة رسول الله، رغم أن منهم من لم يكن مؤمنا بدعوته ولا رسالته وعلى رأسهم عمه أبو طالب.

صبروا فالغاية نبيلة والكرامة غالية ولا حياة لمن يحيا حياة ذل، ولا فرحة بطعام مسبوق بانتكاسة رأس.
ولا زال أحفاد أهل الشعب يحيون بيننا، يخطون بنضالهم سطورا وصحفا من الكرامة والعز.

فصبرا آل غزة أبى طالب، فمنكم يتعلم الصبر الصبر، صبرا أنتم أهل له، ودليل عليه، وفخر له.

صبرا آل غزة الهاشم، فجراحكم جراحنا، وألمكم ألمنا، حتى وإن باعدت بيننا الحدود والقيود.

صبرا آل غزة أبى طالب، أواه أواه، فقد عز علينا مصابكم، وتوارت خجلا الحروف والكلمات من كثرة ما قيلت لكم، حتى ضج الأنين من أنينكم، وتفطرت القلوب لأحوالكم.

صبرا آل غزة الهاشم، فأنتم أهل الثغور، أنتم أمل لنا، أنتم مصداق حديث نبينا عن طائفة من أمته على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، فلن تكسر قلاعكم، ولن تخترق حصونكم، ولن تنتزع منكم المواقف.

صبرا آل غزة أبى طالب، ففرج الله لا شك قريب، فرفات شهدائكم ومدامع أبنائكم وأنات مرضاكم ودعوات المسلمين لكم تنهش وتأكل فى هذا الحصار كما أكلت الأرضة صحيفة قريش، ولن يبقى إلا اسم الله عاليا ينطلق من مآذن غزة يشق أجواز الفضاء، ويصدح به أهلها مكبرين مهللين فرحين بنصر من الله وفرج قريب.

صبرا آل غزة الهاشم، تهفو الآذان وتضطرب الأبدان فقط لمجرد ذكر اسم مدينتكم الكريمة وعذب حروفها، ونحلم بيوم قريب نقبل أرضها ونسجد لله حمدا وشكرا فى رحابها.

صبرا يا آل غزة الهاشم، صبرا نردد معه هذه الأبيات بمدامع قلوبنا نداء للنبى –صلى الله عليه وسلم :

كم هاجمتنا يا نبي الله أفعى (1)

جاءت لتنفُث سُمّها فينا و تسعى

لكنها لم تلق في قلبِ الذين تسلحوا بالحق مرعى

دفعت جموع الصامدين إلى المُخيمِ عند ذاك الشِعب دفعا

يا سيدي لسنا نخافُ من الحصار

لسنا نخافُ من السيوفِ تُسلُ في وضحِ النهار

ما زال فينا حمزة يحمي الديار

ما زال جعفر يحمل الرايات نحو الانتصار

هذا علي سَل في يوم الكريهة ذا الفقار

و كتابُ ربك لم يزل نفس الشعار

تمضي السنون و لا يشق له غبار

هذي جموعُ الشرِ تحرقُ كل دار

يا سيدي عفواً نسيت بأن أشاركك العزاء

كم ذا دفنتُ من الأحبةِ تحت أقطار السماء

كم ذا بكيتُ لقلبِ حمزة مزقته الأشقياء

لكننا يا سيدي نرجوك إذ عم البلاء

و قضى الصغار مع الكبار بلا غذاء

و الشِعب أصبحَ كالمقابر من لحومِ الأبرياء

أن نأكُـل الأموات حتى يكشف الله العناء

* * * * * * *
يا سيدي لسنا نموتُ إذا نموت

حتى و لو قتلوا الجميع و أحرقوا كل البيوت

سنظلُ نرفع راية الإصرار في وجه اليهود

هذا المخيم ذاب في الشِعب القديمِ بلا حدود

و سلاح ُحمزة لم يزل في كفنا حتى نعود

فالقدسُ ما زالت تُدنس أرضها تلك القُرود
------
الأبيات نقلا بتصرف من قصيدة بعنوان " من شِعب أبي طالب إلى مُخيم بُرج البَراجِنة"

6 التعليقات:

  1. محمد يقول...

    أخشى أن ينتظر أحدهم خروج "الأرضة" التي ستأكل الصحيفة

  2. أحمد عبد العاطي يقول...

    اهلنا في غزة والله ما تهنأ لنا عين في نوم ولا بطن بطعام ولا عيش وانتم تألمون
    والله وددنا لو شاركناكم شظف العيش وقاسمناكم شربة الماء ولكن منعنا حكام خونة ونظام عالمي جبان مخادع ظالم
    يتشدق بالحرية وهو بعيد عنها
    لكن حسبنا أن قلوبنا معكم ودعاؤنا مستمر ونصرتنات قائمة وارواحنا وسيوفنا نعدها ليوم قادم وما هو منا ببعيد
    قواكم الله ونصركم وجمعنا بكم في رحاب الاقصي
    وشكر الله لأخي الجعلي الذي ذكرنا بجراحنا فكأننا ننزف الآن

  3. عصفور المدينة يقول...

    بين الجاهليين وبين "بلاوينا" مفاوز حيث كان عند الجاهليين نخوة وبقايا مروءة على جاهليتهم

  4. شذى مولوتوف يقول...

    شكر الله لك اخينا د احمد

  5. saiaf يقول...

    الا ان نصر الله قريب

    ضاقت فلها استحكمت حلقاتها .. فرجت

    ولكن لن نستكين حتى تنفرج الحلقات

    سنظل نجاهد و نناضل الى يوم الدين

  6. غير معرف يقول...

    اخي الدكتور احمد
    جزاك الله خيرا
    اسقاط رائع وجيد
    ولكن اخشى بالفعل كما ذكر اخي وضاح ان ينتظر احد خروج الارضة تاكل الصحيفة


Blogger Template by Blogcrowds


Copyright 2006| Blogger Templates by GeckoandFly modified and converted to Blogger Beta by Blogcrowds.
No part of the content or the blog may be reproduced without prior written permission.