ذكريات الطفولة ذكريات رائعة جميلة ما اجملها، يكفى أن المرء لم يكن محملا فيها بالفكر والمسئوليات والتبعات، بل كان حرا طليقا كعصفور صغير لا يعنيه سوى أن يأكل ويشرب ويلعب ولا مانع من بعض المذاكرة والاجتهاد الدراسى. غير عابئ بأزمة الشرق الأوسط والدوامة الاقتصادية وكادر الطبيب والانتخابات والفضائيات و.. و...
ولم نحرم أنفسنا نحن الخمسة من متعة الطفولة تلك، وأعرفكم بأفراد الفريق الخمسة الذين كان لهم سويا صولات وجولات احكى لكم اليوم عن واحدة منها وقصة "الفورة خمسينة".
الفريق يتكون منى وأخى الأكبر "محمد" وأبناء صديق والدنا فى الجامعة "محمد" أيضا وأخيه "محمود" ويبقى للفريق عضو انضم له مؤخرا وهو "أحمد" ذلك الصبى جارنا والذى انتقلنا للسكنى بجوار منزله مؤخرا.
كان هذا الفريق الخماسى على موعد دائم باللقاء يوميا فى أيام الأجازات ولا سيما أجازة آخر العام، كنا نبدأ يومنا فى الأجازة سويا من صلاة العصر ابتداء بحفظ القرآن تحت اشراف والدى او زميله والد محمد ومحمود ثم نكمل بلعب الكرة حتى صلاة المغرب وبعده نكمل ب" بنك الحظ" أو الشطرنج او السيجا او الاستغماية أو "كهربا" أو... وفى بعض الأيام كنا نذهب فى رحلات ترفيهية إلى معالم مصر "حديقة الفسطاط" أو "ألحديقة اليابانية" فى حلوان او "المتحف المصرى " او نادى الجزيرة.
وكنا دوما نحاول التفكير فى ابتداع شيئ جديد حتى أننا صنعنا لعبة على شاكلة بنك الحظ وسميناها "جولة حول العالم" اعدنا فيها تشكيل الدول وصناعة نقود خاصة بها ووضعنا لها قواعد وشروط معدلة حتى أننا قضينا أياما وأسابيع نفكر فيها ونصنعها بأيدينا.
ومن بين تلك الابتكارات فكرنا فى أن نلعب مباراة كرة قدم من خمسين هدف ونلعبها على مدار أيام حتى نكملها. ولم نكذب خبرا قسمنا انفسنا لفريقين فريق يتكون منى واخى الأكبر "محمد" و "محمود" حيث أننا جميعا أقل فى الكفاءة الكروية، والفريق الآخر يتكون من "محمد" الأخ الأكبر لمحمود و "أحمد" جارنا حيث أنهم أكفأ منا و"حريفة" فى لعب الكرة.
كنا نلعب هذه الدورة المثيرة الشيقة وأهدافها الخمسين وننتظر اليوم التالى بفارغ الصبر لنكمل أحداثها، وبالطبع لم نكن للنسى أن نكتب ما وصلنا له من نتيجة محفورا على أرض الملعب حتى لا نختلف فى اليوم التالى حول النتيجة التى وصلنا لها.
كنا نمارس اللعبة بكل حب وحماس ولم يكن يفسد لعبنا سوى ذلك الفتى، نسيت أن أعرفكم به هو "...." أكبر سنا من أكبرنا ب 3 أو 4 سنوات على الأقل يبدو مثل هؤلاء الأطفال الشرسين الذى تراهم فى الشوارع، وما إن يمر بنا فى يوم من الأيام حتى يعلن أنه راغب فى اللعب معنا ولبرائتنا لم نكن نستطيع أن نمنعه أو نعترض عليه خوفا من بطشه ومن أن يؤذينا، وفى كل مرة يلعب معنا كان لا بد لاحدنا أن يصاب منه بشكل ما فى اللعب إصابة تجعله يبكى فمرة يركل أحدنا فى قدمه وأخرى يضرب الآخر فى معدته، ورغم ذلك لم نجرؤ فى يوم ما على أن نعترض عليه.
وذات يوم وبعد ان انتهينا من حفظ القرآن وقبل أن نذهب للعب شكونا جميعا لوالدى رحمه الله ما يفعله بنا هذا الفتى " ..." أملا أن يكلم أبى والد هذا الفتى ليثنيه عن أفعاله تلك، فكان الرد من أبى بأننا خمسة وهو واحد ولو تكاتفنا على ضعفنا وصغر سننا فسنكون أقوى منه وسنمنعه من الاحتكاك بنا وفرض نفسه علينا.
بالتأكيد كان الامر صعبا على عقولنا الصغيرة ونفوسنا البريئة فى ذلك الوقت، ولكن كان الضيق من هذا الفتى قد بلغ منا مبلغه فقررنا أن نتكاتف ونرفض لعبه معنا فى المرة القادمة التى يحاول فرض نفسه علينا فيها، وترقبنا هذا اللقاء ولم يتأخر كثيرا، فما هى إلا أيام وجاء الفتى طالبا أن يشاركنا اللعب فتقدم أكبرنا سنا "محمد" وقال له : ليس لك مكان ولن تشاركنا اللعب فأمسك الفتى "..." بتلابيب "محمد" فهرولنا جميعا نحوه وكزه احدنا فى صدره " والآخر جذب يده والثالث صرخ به، وكنا نتوقع فى هذه اللحظة أن يثور علينا ويكيل لنا الضرب والأذى ولكن المفاجأة أننا وجدناه قد تراجع ومضى فى طريقه دون أن يرد أو يفسد لعبنا بالقاء الحجارة على الملعب، بل والأعجب أنها كانت المرة الأخيرة التى حاول فيها الاحتكاك بنا وفرض نفسه علينا.
انتهت القصة ولكن رغم مرور قرابة العشرين عاما عليها لا تزال فى النفس بقية من البهجة والشعور بالانتصار الذى شعرنا به بعد أن نجحنا فى الاتحاد ضده، ولا زالت فى الذاكرة صورة فوتوغرافية مضيئة بكل تفاصيلها للحظة تعاوننا ضده، والأهم أنه لا زال فى العقل درس محفور لا تخطئه العيون.
هذا الموضوع يندرج تحت ومضات شخصية
4 التعليقات:
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
السلام عليكم
أولا جزاكم الله خير على التدوينة الرقيقة العظيمة وما تتضمنه من اسقاطات وايحاءات وايضا كثير من البهجة والشجن بتذكر مرحلةالطفولة
ثانيا .. يا بني حرام عليك بقى .. ايه يا احمد الجو ده ... مرة ايفون ورندا والتدوينة بتاعة صاحبتك اللي في ابتدائي والمرة دي فورة الخمسينة؟؟أنت ليه عايش في الماضي بقالك فترة؟؟؟ التذكر جميل .. لكن مش كل تدوينة ... أم أن الواقع أصبح بئيسا فنهرب منه الي الماضي؟؟!! على فكرة أنا بقالي فترة برده بتذكر أيام الطفولة والصبا على الرغم أني مبكتبش حاجة عنها.. بس بجد تفتكر أن ده ليه سبب أن احنا نتذكر الماضي ولماذا في هذا الوقت تحديدا؟؟؟
ثالثا : رحم الله والدك يا أخي الكريم .. ما فعله اسلوب عظيم في التربية .. ولفت نظرك عمليا لقضية هي لب ما نعيشة
بالتوفيق
الإتحاد قوة
القصة جميلة ولها اسقاط جميل وهادف وعظيم
مش عارف اية حكاية ذكريات الطفولة الايام دي
لسه من يومين مفتكر ايامها وايام فريق النجوم -كنا مسمين فريقنا كده رغم انه مافيهوش ولا نجم- والدورات والخسائر المتوالية
كانت ايام جميلة
دمتم بخير
أحمد
السلام عليكم
بقالى كتير مدخلتش عندك
أنا الحقيقه داخل عشان أقوللك
بحبك فى الله
يمكن متفتكرنيش
المهم
أنا كالعاده
معجب جدا بتدويناتك
ربنا يحفظك
محمد فوزى
انا قرات كلامك فى كذا موضوع عن والدك رحمه الله تعليقى مش على كتاباتك تعليقى عن والدك عن اب غرس مبادئ حلوه فى اطفال وطريقه تعامل مش بس بتربى شخص لا دى كمان بتربى امه ربنا يرحمه ويجازيه خير لفهمه كيف يكون ابا ورجل مسلم يحافظ على امانه اعطت له