قبل أن نبدأ:
1- فاز أوباما
جملة صغيرة من كلمتين ولكن بالتأكيد ما يستفاد منها كبير كبير والتغيير الناتج عنها ضخم
2- تغيير نحن أحوج به من غيرنا، ولكن يبدو أننا نعيش فى رفاهية الوقت كما يقول شاهين ولا نعى للساعات والأيام بل ولا نحسب للشهور والسنين والعقود حسابا.
3- ونظل ندور وندور لنعود من حيث بدأنا فى كل أمورنا.
وليس مختلفا عن ذلك الانتقادات التى توجه للإسلاميين والإخوان وتعاملهم مع هذه الانتقادات، وقد كتبنا من قبل وجهة نظر فى النقد العلنى، ونعود هنا لنقتبس بعضا من الأدوار العملية التى ذكرناها هناك فى حال التعامل مع تلك الانتقادات
انتقادات الإخوان والمربع صفر
فى الفترة الأخيرة طالعت أكثر من مقال وحوار تليفزيونى يتناول بشكل مباشر أو غير مباشر المشروع الإسلامى ولا سيما الذى تقدمه جماعة الإخوان المسلمين بفهمها الوسطى والحضارى للإسلام. والغريب أن الانتقادات التى طرحت كانت فى أغلبها نفس الانتقادات التى نسمعها وتتكرر منذ سنوات بل ولا أكون مبالغا إذا قلت أنها صاحبت الجماعة منذ ولادتها منذ أكثر من ثمانين عاما. شعرت وكأننا ندور فى حلقة مفرغة وكلما تقدمنا خطوات وأميال للأمام عدنا من جديد إلى المربع رقم صفر. الأمر الذى يستوجب أن يكون هناك وقفة فاصلة لتثبيت بعض الأمور والحقائق والأفكار لنبنى عليها ولا نعود لها مجددا.
لذا نطرح فى هذا الموضوع النقاط التالية:
1- لماذا تثار انتقادات واشكاليات حول المشروع الإسلامى
2- منطلقات الانتقادات ونماذج منها
3- كيفية التعامل مع تلك الانتقادات على مستوى الجماعة والأفراد
لماذا تثار انتقادات واشكاليات حول المشروع الإسلامى؟؟
ترجع هذه الانتقادات والشبهات والإشكاليات لتداخل مجموعة من العوامل بنسب مختلفة من شخص لآخر. وتتلخص أهم تلك العوامل فى التالى:
1- التعميم، وهو أحد مشاكل التقييم سواء للأفراد أو الجماعات. وهو تعميم رؤية معينة على الجميع حتى وإن كان هناك اختلافات كبيرة بين النظائر التى يطلق عليها هذا الحكم التعميمى، فيتم مثلا وضع الإسلاميين ككل فى سلة، ويتم تعميم أخطاء وتجارب بعض النماذج الإسلامية على كل الحركات الإسلامية دون تفريق بين متشدد ووسطى وبين هذه التجربة وتلك.
2- أزمة اصطلاحات، نتيجة لاختلاف المرجعيات، فقد يتم استخدام مترادفات لذات المعنى وذات المضمون ولكن لا يتم فهمها على حقيقتها لاختلاف المصطلح والعبارة الدالة المستخدمة.
3- الانطباع السلبى المسبق لدى البعض عن المشروع الإسلامى، وكما يقال الانطباعات الأولى تدوم، فحتى برغم أن الواقع يكون مغايرا للانطباع الأول إلا أنه لا يسهل تغييره.
4- أخطاء قد يقع فيها بعض أفراد المشروع الإسلامى، وهذا أمر طبيعى كونهم بشر لم يدعوا لأنفسهم يوما عصمة
5- أخطاء تكتيكية قد تقع فيها جماعة الإخوان شأنهم فى ذلك شأن أصحاب أى مشروع يبنون قرارهم وفق معلومات متوفرة ورؤية مستقبلية، ولذا قد تكون هذه القرارات والخطوات غير موفقة إما نتيجة عدم توفر المعلومات الكافية لاتخاذ القرار أو عدم توقع السيناريوهات المتوقعة بشكل جيد أو لأى سبب كان.فأصحاب المشروع الإسلامى إنما هم أصحاب اجتهاد يوفقون ويخطئون.
6- تضييق المسارات الشرعية أمام جماعة الإخوان ، مما لا يتيح لها القدر المناسب لتطبيق أدبياتها واعطاء الصورة المناسبة عن نفسها واجابة تساؤلات الآخرين عنها بالممارسات العملية.
7- الحملة الضخمة على المشروع الإسلامى بدون حق وبمبالغة من قبل المعادين لهذا المشروع، من خلال بعض منابر الإعلام الرسمية والتى تفتح على وسعها لانتقاد المشروع الإسلامى دون أن تترك فى كثير من الأحيان لأصحابه فرصة لتبيان أرائهم أو الدفاع عن مشروعهم . مما يؤدى لرسم صورة ذهنية سلبية عن المشروع الإسلامى حتى وإن كانت هذه الصورة فى العقل الباطن لدى المشاهد والمتلقى.
منطلقات الانتقادات ونماذج منها:
1- اشكاليات فكرية، حول موقف الجماعة من بعض القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. مثل موقف الجماعة من المرأة والفن ومفهوم الدولة والموقف من الأحزاب و.. و..
2- اشكاليات تنظيمية اجرائية، تتعلق بكيان الجماعة وادارتها ومواقفها وتكتيكاتها واستراتيجياتها. مثل مواقف الجماعة السياسية وتصريحاتها ومفهوم السمع والطاعة ومصادر التمويل والموقف من استخدام العنف كوسيلة و..و..
3- قضايا واشكاليات افتراضية، لم تحدث على أرض الواقع ولكن يثيرها ويتخيلها المتابعون والإعلام فى هيئة اجابات لسؤال "ماذا لو كان الإخوان فى دائرة الحكم؟" مثل الحديث عن مستقبل الأقباط والتعددية السياسية ومساحات الحريات العامة والخاصة و.. و...
وبرغم أن العديد من تلك الانتقادات و القضايا تتناولها الجماعة أكثر من مرة بالرد والتوضيح والتبيان عبر بيانات وتصريحات إعلامية واصدارات مكتوبة. بل وتجاوز الأمر فى بعضها مرحلة التصريحات إلى مراحل التنفيذ. إلا أنها تبقى موجودة وطافية على السطح تكرر هنا وتعلن هناك.
كيفية التعامل مع تلك الانتقادات
أولا: تقيم النقد
يمكن تقسيم النقد المقدم إلى قسم من أربعة:
1- نقد مصيب فيما ذهب إليه:
فى هذه الحالة على جماعة الإخوان الاستماع له، ومادام قد صح منهم التجرد لله عز وجل وخلصت النيات، فلا يضيرهم أن يعترفوا بخطأهم أو صواب ما أُقترح، ومن ثم لا يجدون أى حرج فى أن يتبعوه.
2- قسم يمثل وجهة نظر خلافية فى أمور تقبل أكثر من وجه.
فى هذه الحالة ينبغى أن تطرح الامور المتناظرة وحيثيات كل رأى منها وحجته ووجاهته وأسبابه، وتقابل الحجج بالحجج والأدلة بالأدلة، ولا ضير بعدها أن تتخذ الجماعة من هذه النظائر ما تراه أنسب لفهمها وحالها، ويكون ذلك انعكاسا للرأى العام السائد بين أبناء الحركة واقتناعهم، ويصاحب ذلك بالضرورة تربية لأبناء الجماعة على ثقافة الاختلاف وتقبل وجود آراء أخرى مختلفة.
3- نقد مغلوط أو مبنى على معلومات ناقصة
ينبغى على الجماعة أن تتناوله بالتوضيح والتصحيح، وأن لا تتركه يتضخم ويكبر ويسبب بلبلة ولبسا.
4- نقد قائم على الاتهامات الكاذبة والسب والقذف
فى هذه الحالة التى يلقى فيها السباب والقذف والاتهامات جزافا بلا دليل ولا بينة، تقيم كل حالة بقيمتها ووقتها وحالها، ففى أحيان كثير يكون السكوت عن الرد عليها هو أبلغ رد، ولكن فى أحايين أخرى يكون من الضرورى الوقوف عليها وردها، وليس المقصود الرد على صاحبها ولكن المطلوب ازالة ما قد تنسجه تلك الاأكاذيب من لبس لدى عموم المتابعين لجماعة الإخوان ولا سيما فى عصرنا الحالى وسهولة وسرعة تناقل الأمور والأخبار.
ثانيا : دور جماعة الإخوان مع هذه الانتقادات
1. أن لا تتعامل مع كل نقد على أنه يهدف إلى تشويه الجماعة أو النيل منها، بل ربما فى كثير منه إضافة وإثراء وتطوير وإصلاح بشكل مباشر أو غير مباشر.
2. بل لا ينبغى ابتداء أن يتم التعامل مع نوايا الناقد بل يتم التعامل مع مضمون النقد ودراسته والتفكير فيه والاستفادة منه أو الرد عليه. مهمها اختلفت هوية الناقد وفكره بل وأسلوبه.
3. ومن شان اتساع صدر الجماعة للنقد العلنى أن يعزز ذلك انتماء وحب بنيها لها على عكس ما قد يظنه البعض بان هذا النقد قد يزعزع الثقة او يفتح أبوابا لا ينبغى أن تفتح حتى لا تثير بلبلة فى الصف.
4. فضلا عن أن قبول جماعة الإخوان للنقد يرسم مصداقيتها فى قلب المجتمع ويكسبها الاحترام حتى ممن لا يقتنعون بأفكارها ولا يتبنون مبادئها. ويجعلها تتسم بالشفافية والوضوح.
5. شفافية تستدعى أن لا تجد الجماعة حرجا فى نشر هذا النقد فى وسائلها الداخلية والإعلامية، وإتاحة الفرصة لتلك الانتقادت لتكون محل نقاش وتفكير أمام ناظريها، بدلا من أن تدور النقاشات فى غرف مغلقة أو فى ميادين اخرى بعيدة عن رؤية الجماعة، مما يحرمها من أن توضح بعض الحقائق والملعومات التى من شانها تغيير الانطباع والأفكار.
6. أن تقوم جماعة الإخوان بإعداد وثيقة مجمعة محددة واضحة تحوى كل تلك الاشكاليات التى تثار دوما وتبين بجلاء الموقف منها وتدلل على ذلك بالمواقف على الأرض التى تم تنفيذ هذه المواقف فيها ما وجدت.
7. يتم بعدها عمل تدشين إعلامى ضخم لهذه الوثيقة، عبر الصحف والفضائيات والمواقع، ويصبح لها رابط ثابت فى كل المواقع التى تعبر عن فكر الجماعة شبيهة فى ذلك ب “FAQ” frequented asked question ويطبع لها نسخ صغيرة الحجم سهلة الحمل تتواجد فى كل مكان ولدى كل الأفراد
8. توعية أفراد الصف بأبعاد تلك الانتقادات وموقف الجماعة من تلك القضايا المثارة والممارسات التى تطبقها الجماعة تعبيرا وتطبيقا لتلك المواقف.
9. الانتقال من خانة "رد الفعل" إلى خانة الفعل وتجاوز هذه القضايا الفكرية ودفع المجتمع والمهتمون والإعلام لتجاوزها بالانطلاق لآفاق أبعد فى الأفكار والخوض فى رؤى وتفصيلات تتعلق بهذه القضايا مما يؤكد تبنى الجماعة لتلك المواقف.
ثالثا : دور الأفراد من هذه الانتقادات
1- احرص على أن تكون على دراية بموقف الجماعة من تللك القضايا المثارة ، وجهز ردودك وأدلتك.
2- اعترف بالخطأ فى حال وجوده وحدوثه سواء كان الخطأ فرديا أو تكتيكيا
3- استخدم فى ردودك وحوارك المرجعيات والأدلة التى تناسب محاورك وخاصة الأدلة والمرجعيات المبنية على استخدام العقل والأرقام والوقائع المثبتة تاريخيا.
4- ليكن هدفك الأول من الحوار هو عرض الفكرة والتوضيح وليس الجدال وإفحام الآخرين.
5- حتى لو انتهى الحوار بالاختلاف مع محاورك فابحث عن مساحة من الاتفاق حتى لو على مبادئ عامة والخطوط العريضة.
6- واجهد أن تنصح لجماعتك ما تراه واقعا من تلك الانتقادات والأخطاء، واحرص على أن تبدأ بنفسك لاصلاح تلك الأخطاء.
هذا الموضوع يندرج تحت المشروع الإسلامي .. مشروع حياة, حالة حوار حول الإخوان المسلمين
9 التعليقات:
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
في فيلم اتفرجت عليه من يومين عجبني اسمه حاجة كدا ديف
بجد كان فيلم ظريف اوي
mohamed
-------
(:
الأخ الكريم أحمد .. سرتني تدوينتك جداً ، فقد جمعت الموضوع برمة وحللته بشكل رائع..
ما اعجبني انك فصلت دور الفرد ودور الجماعة ..
لكن في دور الجماعة تحدثت عن انواع النقد وقلت إن كان النقد مصيب فعلى الجماعة الإعتراف بخطئها..إلخ..وإن كنت ضد كلمة خطأ.. فهو ليس خطأ بقدر ما هو حال يحتاج إلى تعديل ..
سؤالي: من هو الذي سيحدد إن كان هذا النقد صحيحاً أم لا ..
يعني مثلاُ قرأت منذ مدة طويلة نقد لكتاب نظرات في رسالة التعاليم ، ومن وجهة نظري الشخصي أن الناقد كان على صواب ، لكنه ينتقد مفاهيم أساسية عند الإخوان ..
فمتى يمكننا أن نحوم حول تلك المفاهيم والأصول التي وضعت(لا أتحدث عما له علاقة بالشرع)ومن هو الذي يملك أن يقول إن كانت صحيحة أم لا؟
بعض ناقدينا يتحدثون عن أن الجماعة يجب ان تبتعد عن شمولية العمل ، وهناك فرق بين شمولية الإسلام وشمولية الجماعة ..وهناك من يتحدث عن أن الجماعة يجب أن تنفصل إلى كيانات صغيرة .. وهكذا.. كل هذه الأطروحات ربما تكون غريبة عن أذهاننا بعض الشئ فنرفضها من أول وهلة ..فهل يوجد مقياس ، أو إطار أم أن التفكير لا محدود المدى في النقد ؟
مرة أخرى أحييك على المقالة ..
الأخ الفاضل مقالتك في الصميم
وأنا أرى أن النقد عامل مهم مكمل لمسيرة الدعوة ومنبه لها على هفوات أفرادها ورادع لها عن الوقوع في الشبهات ومصحح لمسيرتها ان اختل التوازن، لهذا كان حرص النبي عليه الصلاة والسلام على سماع النقد وقبوله بل الأمر به أحياناً بصيغة المشاورة .
ويتضح هذا من قول الصحابي :إذا ليس هذا بالمنزل ... هذا نموذج من النقد في عصر المعصوم، لذلك أنكر على الأخ الكريم صاحب مقالة (قبل أن يخرقوا السفينة) ما ذهب اليه من رفض النقد المصحح كما ننكر جميعاً مواقف المتربصين والانتهازيين أصحاب المصالح الشخصية الذين يسعون لتحطيم المشروع الإسلامي بتحطيم رموزه وقادته اعلاميا وشعبياً
جزاك الله خيراً على المقالة المتميزة ولا حرمنا الله جميل قولك
المقال أكثر من رائع
والأكثر روعة منه هو ترتيب وعرض الأفكار .............يادعوة الإخوان عزٍى واسعدى .............
بارك الله فيك أخى أحمد
د/ أنور حامد
من اجل مصر
شارك في الحملة الشعبية للقيد بالجداول الانتخابية وادعو غيرك
ضع بنر الحملة علي مدونتك
البنر موجود علي مدونتي
اذا كنت ترغب في وضعه علي مدونتك ارسل ميلك كي ارسل لك كود البنر
ارجو المعذرة للدخول بلا مقدمات لأني ادخل علي مئات المدونات يوميا
أعتذر للجميع عن التأخر فى التعليق
م. هبة محمد
**********
أشكر لكم مروركم الكريم والمجاملة فى كلماتكم.
وبالفعل طرحتم فى مشاركتكم مشكلة حقيقة وهى أين الشعرة الفاصلة بين الثابت والمتغير ومن يضعها ومن يحركها؟؟
وأعتقد ان هذا الموضوع يحتاج لنقاش كبير لا يمكن الرد عليه من خلال سطور فى تعليق ربما يسمح لنا الوقت لاحقا لنطرحه للتفكير ونحاول جميعا ان نصل فيه إلى أدوات قياس عملية
الله المستعان
عمار البلتاجى
*************
يا مرحبا يا دكتور سعيد بزيارتك وتعليقك الثانى.
وجميل فعلا أن تتسع صدورنا للنقد كما هو جميل أن يقدم النقد كما يجب أن يقدم مصحوبا بكل ضوابطه وآدابه
د.انور حامد
***********
شاكر لكم كل الشكر لمروركم الثانى الكريم، وأشكر لكم طيب كلماتكم ولطف مجاملتكم ونسأل الله أن يوفق دعوتنا لكل خير
بجد مقالك رائع جدااااا واسلوب طرحك للموضوع اسلوب راقي للغايه
اتمني لحضرتك مزيد من التألق
لكن بعيد عن الآراء الي حضرتك كتبتها والانتقادات الي وجهت لجماعه الاخوان لي راي وكنت كتبته قبل كدا علي مدونتي اتمني انك تشوفه
الموضوع بعنوان ""انتحار الاخوان المسلمين""
جزاك الله خيرا فقد استفدت من هذه المقالة كثيرا