الإخلاص والعمل العام هل يلتقيان؟؟ (1-2(



قبل أن نبدأ:

1- يبدو ان العملية التدوينية وخاصة الإخوانية منها، تستعد للانتقال لمربع جديد أكثر نضوجا وفاعلية، خاصة ان ثمة مجموعة من المراجعات والوقفات تتم لها الآن على أيدى مدونى الإخوان، فبعد قرابة العامين من التدوين وكأن هناك وقفة للتقييم ولوضع بعض الملامح للعملية التدوينية
اقرأ:
أحمد شاهين يكتب .. لحظة من فضلكم .. أيها المدونون

د.مصطفى النجار يكتب .. الإخوة المدونون جماعتنا أولى بنا
ا. فتحى عبد الستار يوضح النقد الذاتى علنى أم سرى
د.احمد عبد العاطى يكتب الإخوان والتدوين

2- من فترة بعيدة جدا نوهت عن مقال تحت عنوان "الإخلاص والعمل العام هل يلتقيان" وتأخرت كثيرا فى طرحه، اطرحه عليكم على جزأين
الأول يغلب عليه الطابع النظرى ويتناول توصيف المشكلة
والثانى إن شاء الله ينشر لاحقا ويتحدث عن العلاج ويغلب عليه الجانب العملى التطبيقى

نتمنى ممن لديه اى اضافة لاثراء الموضوع او تجربة شخصية أن يضيفها لنا لظنى أن الموضوع مهم جدا


الجزء الأول : الإخلاص والعمل العام هل يلتقيان؟؟ "توصيف المشكلة"

تعيش الحركة الإسلامية فى الوقت الراهن مرحلة حساسة فى انفتاحها على المجتمع، ورسم نفسها كبديل واقعى وحل مستقبلى لمشاكل مجتمعها والأخذ بيده فى طريق النهضة والحرية والتطوير.
وبالفعل كانت ارادة الشعوب المختلفة متوافقة مع هذه المرحلة، وبارادتها الحرة اختارت أصحاب المشروع الإسلامى ليتقدموا الصفوف سواء كان ذلك على المستويات السياسية كما هو الحال فى انتخابات المجالس التشريعية وتشكيل الحكومات، أو على المستويات الخدمية والاجتماعية كما هو الحال فى النقابات المهنية والمجالس المحلية والاتحادات الطلابية.

استوجب كل ذلك أن تكون الحركة الإسلامية وأبناؤها ملأ السمع والبصر فى وسائل الإعلام المختلفة المقروء منها والمرئى والمسموع. وأصبح لزاما لذلك أن تدفع الحركة الإسلامية برموزها وكوادرها لتقديم ذلك المشروع بصورته وعلى ألسنة أبنائه. وهذا أمر طبيعى ولا مشكلة فيه لدى أى مشروع آخر. إلا أن المشروع الإسلامى يختلف عن باقى المشاريع أنه يربى أبناءه ان لهم غاية أخرى وأهدافا أسمى عن مجرد تحقيق تلك المكاسب المادية على الأرض، فأبناء المشروع الإسلامى يؤمنون بالله عز وجل غاية لهم ويبذلون ما يبذلون أملا فى قبول الله ونول رضاه. وهنا تظهر المشكلة حيث أن العمل العام والذى تستوجبه هذه المرحلة قد يتعارض مع إخلاص الغاية والهدف والنية والتوجه لله ، وتصرخ النفس مطالبة بحظها ونصيبها من هذه الأعمال مما يتنافى بالكلية مع اخلاص التوجه لله.

حتى أصبح العمل العام وكأنه وحش كاسر يحاول أبناء الحركة الإسلامية البعد عنه وعدم ارتياد ميادينه، الأمر الذى قد يؤثر سلبا فى عدم اخراج الكفاءات المناسبة للتصدى لمثل هذه الاعمال فى مكانها المناسب، فضلا أن تترك هذه المساحات فارغة ابتداء.

لذا نحاول فى السطور القادمة استكشاف وتشخيص المشكلة عن قرب ومن ثم نحاول فى المقال القادم البحث عن الحلول.

أشكال هذا المرض

تنقسم أهم تلك الأمراض التى تحاول أن تنخر نبتة الإخلاص فى القلب حين ارتياد ميادين العمل العام إلى ثلاثة أقسام:
الأول ما يصيب العمل قبل الشروع فيه، والثانى أثناء القيام بالعمل، والثالث ما يصيب العمل بعد الانتهاء منه. كالتالى:

1- فساد النية

مرض يصيب العمل من قبل الشروع فيه وهو أن يكون للشخص ابتداء غاية أخرى غير التوجه إلى الله بالعمل كأن يهدف من العمل ارضاء شخص أو الحصول على منفعة شخصية ما ..، حتى وان كانت هذه النوايا مصاحبة لنية التوجه إلى الله بالعمل إلا أنها أيضا بهذا الشكل لا تجتمع مع الإخلاص، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث القدسى عن رب العزة " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه".

وأحيانا يتم تفريغ النية تماما من التوجه بالعمل للأشخاص وكسب رضاهم وثنائهم، ولكننا نستغرق فى العمل ونركز عليه ونهتم به اهتماما كبيرا فى محاولة لاتمامه على الصورة المثلى وانجاحه، ولكن تكون النية هى النجاح بالعمل من أجل النجاح، فأحد متطلبات وحاجات النفس البشرية الخمسة كما يسردها عالم النفس الأمريكى "ابراهام ماسلو" هى الرضا عن النفس، ونجاح العمل هو أحد دروب الرضا عن النفس، لذا علينا أن نراعى هذه المشكلة حتى لا نقع فيها ويكون الهدف من انجاح العمل هو لله عز وجل، وليس نجاح العمل من اجل النجاح والرضا عن النفس، حتى وان كان نجاح العمل هو عاجل بشرى المؤمن فى الدنيا ولكن لا ينبغى أن يكون هو الغاية والهدف.

2- الرياء

وهو مرض يصيب العمل وصاحبه أثناء العمل ذاته، فبرغم أنه من الممكن قد عالج نيته جيدا وأخلص توجهه لله ولكن أثناء القيام بالعمل قد يرآى به الآخرين. وتدفعه نفسه للحرص على أن يكون فى أول الصفوف وأوضحها وأظهرها.

3- العجب

وحتى بعد انتهاء العمل تظل تلك الأمراض تلاحق العمل وتحاول ابطاله واحباطه، فربما يكون المرء قد نجح فى إخلاص نيته وبعد عن الرياء أو المظاهرة بالعمل، ولكنه بعد انتهاءه من العمل يجلس مع نفسه ويفكر فى العمل وكيف كان حسنه وكيف كان أداؤه وبراعته، ويفرط فى الاشادة بمهاراته وقدراته دون ارجاع الفضل فى ما يملك من موهبة إلى الله عز وجل ودون ان يرجع هذا المظهر الجيد الذى خرج به العمل إلى رحمة الله وتوفيقه.

و سواء كان هذا العجب ممثلا فى أن يظل يحكى ويتحاكى للآخرين عن هذا العمل وكيف أبدع فيه وأداه، أو حتى كان عجبه هذا بعمله بينه وبين نفسه دون أن يحدث به الآخرين.

نتائج المشكلة:


وأمام تلك الإشكاليات يجد أبناء الحركة الإسلامية نفسهم أمام إحدى خيارين بما يتبع كل واحد منهما من نتائج

الأول: أن يحجم الفرد ويتنمع تماما عن أن يشغل مكانا فى العمل العام، حتى وإن كانت قدراته ومواهبه وخبراته تهيؤه وتزكيه لأن يشغل هذا المكان. يختار هذا الحل حتى ينأى بنفسه عن مصارعة الخواطر وصعوبات تخليص النية لله رب العالمين.
مما يؤدى إلى بقاء تلك الكوادر بعيدة عن الأماكن الحيوية فى العمل العام، برغم أهليتها وأنها الأجدر على ملئ هذه الفراغات.

الثانى : أن يتم دفع الفرد دفعا لملئ مكان من قطاعات العمل العام الواسعة. ومن ثم يعانى الأمرين فى مقاومة انحراف نيته وغايته
مما يجعله فى اضطراب دائم وقلق مستمر وتفكير متصل فى هذه المشكلة ، بما يطغى أحيانا على تجويد العمل وأدائه بالشكل الأنسب.


وبالتأكيد حق لأبناء الحركة الإسلامية أن تنمو لديهم مثل هذه المخاوف المشروعة من الخوف على عملهم من الإحباط أو أن يضل مسعاهم ويرد اجتهادهم، يقول الله عز وجل:

"والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون"، ولما سألت السيدة عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى هذه الآية، أهم الذين يزنون ويسرقون. فقال لها: "لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون، ويخشون ألا يتقبل منهم".
ولهم حق أن يخشوا تلك الميادين وهم يرددون صباحا مساء دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم إنى أعوذ بك من أن أشرك بك شيئا أعلمه وأستغفرك لما لا أعلمه".

يعتبر ما سبق بمثابة خطوط عريضة تشرح المشكلة وأسبابها وإن شاء الله فى المرة القادمة نتناول كيفية التعامل مع هذه المشكلة بشكل عملى، وفقنا الله وإياكم لما فيه رضاه ورزقنا جميعا عملا مخلصا متقبلا.


7 التعليقات:

  1. دكتور حر يقول...

    جزيت خيرا د أحمد
    على إثارة هذا الموضوع الهام

    هو الاخلاص ميفرقش معاه عمل عام ولا خاص
    هو والله في الحالتين صعب

    وحتى في الاعمال الفرديه الوحدويه ممكن يتسرب لنفس الواحد بعض من مضادات الاخلاص

    الامر يحتاج الى همه والى تذكر مستمر والاهم عدم التوقف ابدا

    ودمت بكل خير

  2. دكتور حر يقول...

    وكمان قيل

    يكون الانسان مرائيا في حياته وبعد مماته

    فقالوا:
    نعرف ان يكون مرائيا في حياته
    فكيف في مماته

    قال: يحب أن يكثر الناس على جنازته "منظره بس" ....وربنا يسترها علينا

  3. عصفور المدينة يقول...

    بخصوص الإعراب الأقرب أنها تنصب كما قلت أنت على الاختصاص وليست نداء

    لقد قال لنا أحد العلماء كلمة عن أحد مشايخه


    لا تكن عبدا للخفاء ولا تكن عبدا للشهرة


    وقال الله عزوجل إن تبدو الصدقات فنعما هي

    إن أهل الباطل لا يستترون بأعمالهم ونحن نشغل أنفسنا بمداواة هذه الأمراض ومعاناتها ولو نظرنا لمن هم فوقنا لعلمنا أننا لا شيء وليس منا شيء ولسنا بشيء ولو علمنا حق الله عزوجل ومبدأ الخير والتوفيق والهداية للعمل منه لعلمنا أننا أدوات ولو علمنا أهمية القدوة لعلمنا أننا بالورع الكاذب ربما نميت دور القدوة ونبطل حجج الله على عباده بإقامة من يقومون بهذا العمل والحقيقة أنه سبحانه يقيم غيرنا فخير لنا أن يكون بأيدينا

    وأيضا ربما تدخل الشوائب في البداية فبالتمرس يأبى الله إلا أن يكون ذاك العمل خالصا له فإذا استمر الوضع على ذلك وكان الإنسان ممن يمرضه الظهور فخير له أن يختفي وهذا في حالات خاصة أما الغالب أن من يستعين بالله يعينه الله ويأخذ بيده

    وأيضا علينا أن نذكر أنفسنا في مناسبات متنوعة لا تنس الإخلاص

    وأيضا إذا وجدنا شيئا يفتح أبوابا لهذه الشرور أن نقفله فورا مثل فضول الكلام عن تفاصيل العمل والاسترواح لذلك دون مصلحة شرعية وفي غير محله كما يحدث من بعض الإخوة فنسارع إلى التنبيه للاقتصار على القدر المطلوب والذي تتحقق به المصالح الشرعية
    ولا يمنع أن نستخدم الصدمات أحيانا مع أنفسنا ومع الآخرين لاكتشاف وتصحيح المسار وخاصة أن الأمراض قد تكون خفية لا يكشفها إلا الصدمات


    وأختم


    ليس من حق الطائع أن يقول إن هناك أناسا يعصون الله في هذه اللحظة

    ولكن واجب على العاصي أن يقول إنني في هذه اللحظة التي أعصى فيها الله هناك أناس يطيعون الله

    واجب على المقصر أن يقول إن هناك أقواما في هذه اللحظة يتطوعون لله

    اللهم صحح نياتنا واجعلنا من عبادك المخلصين

  4. غير معرف يقول...

    جزاكم الله خيرا على اثراء الموضوع وانا ممن كنت انتظره

    جزيت خيرا .. وننتظر الجزء الثانى .. وارجو عدم التاخير

    اسماء العريان

  5. غير معرف يقول...

    بالنسبة للنحو هى فعلا هتبقى ايها المدونين .. لانها منادى منصوب

    ــ
    ارجو عدم تاخير الجزء الثانى .. ولكم جزيل الشكر

  6. ومضات .. أحمد الجعلى يقول...

    دكتور حر
    --------

    يا مرحب بيك وبزيارتك الكريمة المتكررة

    وفعلا الموضوع يحتاج لهمة سواء كان عملا عاما أم عملا فرديا

    ربنا يمن علينا باخلاص العمل لوجهه الكريم


    عصفور المدينة
    ------------
    مشكور يا سيدى على المساعدة النحوية، وياريت شاهنشى يقتنع ويغيرها
    (-:

    ومشكور كل الشكر على الاضافة الجميلة والاثراء للموضوع ربنا يتقبل منك ويكرمك يا أحلى عصافير المدونات

    اسماء العريان
    ------------
    مرحبا بكم اختنا الكريمة، ومرة اخرى تأكيد على الاعراب الصحيح

    "ربنا يهديك يا شاهنشى وتغير العنوان بقى .. كفاية فضايح"

    وان شاء الله لن أتاخر فى عرض الجزئ الثانى فى خلال 48 ساعة على الأكثر
    ولكنه سيكون طويلا بعض الشيئ فنرجو المعذرة من الجميع على الطول، ونتمنى ان يكون فى الجزء الثانى ما يستحق الانتظار والمتابعة

  7. فوضى منظمة يقول...

    السلام عليكم يا دكتور جعلي

    أولا جزاكم الله خير على التصحيح اللغوي .. بس مش عارف .. كان تليفون منك او رسالة تكفي مش شرط يبقى التصحيح على الملىء كده .. انت عملت الفضيحة وبعد كده بتقلي كفاية فضايح..بس انت اللي فتحت على نفسك .. لاني هترصدلك الاخطاء

    ثانيا : جزاكم الله خير على الموضوع اليم .ز أنا عندي فيه مشكلة بس هستنى ختى أقرأ الجزء الثاني الذي اتمنى الايتأخر .. ماشي .. بالتوفيق


Blogger Template by Blogcrowds


Copyright 2006| Blogger Templates by GeckoandFly modified and converted to Blogger Beta by Blogcrowds.
No part of the content or the blog may be reproduced without prior written permission.