واحد من كثيرين أنا، أعتقد وأؤمن أن مشروع حماس هو مشروعى الشخصى. أؤمن به وأدافع عنه وأستنصر له بكل ما أستطيع من فكر وجهد ودعاء.

كثيرون على حالى، ممن طال اشتياقهم لرؤية راية للإسلام شامخة عزيزة، ويتمنون أن يروا عالما مختلفا يحكمه العدل والامن فى وارف ظل سماحة الإسلام بمشروعه الحضارى. كثيرون مثلى ممن تدمى قلوبهم لما يحدث فى فلسطين من الاحتلال البغيض، كثيرون ممن تطوف باحلامهم فكرة الصلاة فى المسجد الأقصى بعد تحريره، وممن يستنشقون عبق الماضى ويسمعون لصدى اهازيج الاحتفال بتحرير صلاح الدين للمسجد الأقصى من وطأة الحملات الصليبية.

ما سبق يدفعنا للغيرة على مشروعنا فى فلسطين، غيرة تدفع الدماء فى العروق كلما أصاب هذا المشروع عثرة أو اعترض طريقه أحد او ألمت به محنة. وليس من عتب علينا فى ذلك، ولكن مع طول الوقت وكثرة المشاكل والوضع العالمى السيئ المحيط الراهن. تتسلل للنفس فى دهاء روح الاحباط واليأس. تستغل الخلفية السوداء المأساوية لترسم وتجذر كلمة الفشل.
وأيضا لا عجب فى ذلك فالبيئة خصبة أيما خصوبة لتنمو شجرة الاحباط بأشواكها فتخدش كل نفس بريئة وكل قلب صاف شفاف، لم يتعود مثل هكذا مؤامرات ومكائد.

وسط كل ذلك لا بد من وقفة لاعادة قراءة الواقع واستكشاف أبعاده، وقفة للتفكير فى المستقبل وما يحمله وما هو المتوقع لهذا المشروع الوليد.

ورأيت أن أقسم هذه الوقفة لقسمين، قسم عقائدى وآخر مبنى على رؤى سياسية.

أولا : وقفة حسابات من منطلق العقيدة والإيمان:

بطبيعة الحال هناك أمور عقائدية لا يمكن قياسها بادوات السياسة والتحليل، ولا يمكن أن يقيس بها ويعتمد عليها، إلا من كان قلبه مليئا بالإيمان واثقا بموعود الله. وفى السطور التالية اشارات سريعة لبعض تلك الوقفات الإيمانية.

1- يقول الله عز وجل : " أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ"

كيف كنا نقرأ هذه الآيات ظانين أنها تنطبق على قوم بعينهم، ونتسائل هل لا بد لنا من موقف كهذا ليختبر الإيمان ويمحص؟ إلى أن رأينا الآية تنطبق علينا وعلى حال مشروعنا فى فلسطين. وهذا الزلزال الذى يعتريه حتى لنتسائل بأسى متى نصر الله؟ فيكون الجواب الربانى ألا إن نصر الله قريب.

2- قول الله عز وجل : "وَمَاالنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ" وهو أسلوب قصر أن يكون النصر من عند أحد غير الله عز وجل. ولا يكون نصره بعد الأخذ بالأسباب إلا من صلحت نواياهم ووجهتهم وغايتهم. وظننا بمشروعنا وأصحابه، انه مشروع إسلامى نشأ على طاعة الله وأراد اعلاء راية الإسلام واخلص الوجهة لرب العالمين، مشروع غاية أصحابه الله، وقدوتهم رسوله، وأسمى امانينهم الموت فى سبيله.

3- قول الله عز وجل: "حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ" وفيه انعكاس حقيقى لحالنا الىن وقد تملك اليأس ووجد طريقه لقلوب المحبين والمخلصين على مشروعهم، فتكون هذه الآيات بمثابة البلسم "حتى اذا استيأس الرسل" ليخلص الله هذه القلوب من اى شائبة قد تشوبها من اتكال على الأسباب، فهم قد بذلوا وسعهم كما امرهم الله، وآن الآوان أن تخلص قلوبهم من التعلق بالأسباب وأن تتجرد كاملة خالصة مخلصة لمسبب الأسباب. من عنده وحده ياتى النصر.



4- قول الله عز وجل : "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ" وانظر إلى سياق الآية الكريمة وكيف تصف حال الداعى والمشتكى إلى الله بانه مضطر، ثم عبر بعض كلمات قرآنية يتحول من حال الاضطرار والسوء إلى أن يجعله الله خليفة على أرضه، ولكن حقا صدق الله عز وجل حينما قال "قليلا ما تذكرون".
ولعل الله يريد أن يرى تضرع المضطرين ودموع المؤمنين، ودموع الداعين، وآنات التائبين. وهى ترجوه وتتذلل بين يده مقرة له بالوحدانية والقدرة، معلنة الضعف والخضوع بين يديه. ليجرى نصره على عباد هم حقا عباد

5- قول الله عز وجل : "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ {39} الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ {40} الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"

ولا أعلم عند اى جزء من الآيات أقف وأشير، فكل آية لها دلالتها واشارتها فى وضوح يفوق وهج الشمس. "الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور.

6- يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: "بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ""

وكفى بهذا الحديث شافيا لصدور قوم مؤمنين، وهو يصف حال المرجفين من حولهم وأثرهم. وكم كنا نقرأ عن أيات المنافقين وشدة عقوبتهم فى الآخرة، ولا تستوعب نفوسنا خطرهم ولا مكرهم، إلا أن رأينا رأى العين كيف يكون المرجفون ومن باعوا دينهم بدنياهم أشد خطرا واكبر ضررا على الصف من العدو المعلن الصريح.

لو استمررنا فى سرد الآيات والأحاديث لن يكفينا المقام ولا المقال. فالثقة فى موعود الله ونصره هى روح يبثها الله فى روح عباده، وهم قُوّام بين يديه آناء الليل واطراف النهار، يلحون فى الدعاء ويتمسكون ونفسهم مطمئنة بآيات الله، بانفس تاقت لرؤية عز الإسلام وعاشته فى أحلامها ويقظتها، حتى لا يهنأ لها عيش ولا تتخيل لأنفسها حياة. إلا فى ظل ذلك النصر والعزة. وان اجبرت على أن تعيش فى واقع يختلف على ما تتمناه فإنها أبدا لا تقبل أن تعيش إلا وهى تعمل لتصل لذلك الحلم التى تحياه.

-----------------

ملحوظة: هذا الموضوع تم اضافته بعد بدأ المدونة فعليا، وتم وضعه بتاريخ كتابته

0 التعليقات:


Blogger Template by Blogcrowds


Copyright 2006| Blogger Templates by GeckoandFly modified and converted to Blogger Beta by Blogcrowds.
No part of the content or the blog may be reproduced without prior written permission.