ثانيا: وقفة وفق رؤية سياسية:

ولنتكلم بلغة السياسة قليلا، وبالرغم من ان للسياسة أهلها ومن هم أقدر على التحليل والاستنتاج والقراءة السياسية، ولكن هى مجرد أسئلة ومشاهدات.

1- تخيلات "ماذا لو....."؟؟
هناك من يعتب على حماس أنها خاضت تجربة الانتخابات الأخيرة، والسؤال الذى يطرج نفسه ماذا لو لم تخض حماس الانتخابات؟ ماذا لو حققت فتح أغلبية ضخمة فى تلك الانتخابات وفق عملية ديموقراطية يشهد عيها الجميع، وبناء على أصوات الشعب الفلسطينى؟!
بالتأكيد كان هذا ليصبح بمثابة التفويض الشعبى لخط فتح أو غيرها السياسى، بما يعنى المزيد من التهاون فى الحقوق الفلسطينية والتنازلات.
بل والأدهى أنه فى تلك اللحظة سيكون لفتح وفق خارطة شرق أوسطية جديدة المساحة لنزع أسلحة الفصائل المقاومة وتكميم فوهات بنادقها وتكبيل أيدى مجاهديها.
ربما لو تركنا للفكر العنان قليلا لملأنا كتبا عن تخيل لشكل فلسطين بعد انتخابات تفوز فيها فتح بأغلبية أو لا تخوضها حماس منذ البداية.

ثم دعونا نقول أن الوضع الفلسطينى والمؤامرات والمكائد بالفعل قد بلغت ما بلغت، وربما على حماس الآن أن تتخلى عن ما حققته من انجاز فى الانتخابات، وأن تتراجع لأنها ليست مؤهلة أو مستعدة لخوض هكذا صراع سياسى فى هذه الفترة من تاريخها. هنا أيضا يظهر السؤال ذاته ماذا لو؟؟ ماذا لو فعلا تراجعت حماس وأعلنت فشلها وعدم قدرتها على الاستمرار؟؟ سؤال اجابته مظلمة ربما أقل ما يمكن الاجابة به عليه أنه ولا شك سيعود المشروع الإسلامى والمقاومة سنوات وسنوات للخلف.

2- ولكن لماذا ندخل فى نظرية التخيلات ونقول ماذا لو؟ بدلا من ان نتسائل هل فعلا فشلت حماس؟

قبل أن أجيب على هذا السؤال فالبطبع ليس من مبصر من يقول انه لا مشاكل بل ومشاكل جسام، ولكن فى عمر الأمم لا تقاس الأمور بيوم او يومين أو شهر او شهرين. فالأمر بالطيع يحتاج لوقت طويل حتى يتغير الحال وتتبدل الأمور. ولكنى هنا لست بصدد ذكر ما يحيط بحكومة حماس من مشاكل ومؤامرات، ولكن على العكس هل حقا تتحرك حماس فى اتجاه انجاز ولو بخطئ متثاقلة بطيئة؟
أظن ان الإجابة هى نعم، حماس تسير بشكل أو بآخر تجاه فرض مشروعها على الأرض، وتزداد كل يوم خبرة ونضجا وقدرة على التعامل مع المشكل والمؤامرات من حولها، وفى السطور التالية ربما أسوق بعض الأمثلة من قبيل التدليل لا الحصر.

1- تشكيل الحكومة مستقلة
بعد ان دعت حماس فى البداية لتشكيل حكومة وحدة وطنية فرفضت باقى القوى والفصائل مراهنة من عند انفسها او وفق وعود امريكية اوروبية، بان حكومة حماس لن تستمر طويلا وسيقتسم الكعكعة بعد سقوط حكومتها كل من لم يشارك معها فى حكومة وحدة وطنية، إلا ان حماس تجاوزت التوقعات وشكلت حكومة كاملة برغم هذه المراهنات.

2- القوة التنفيذية

وتبنى حكومة حماس لهذا المشروع وبرغم كل ما اعتراه من مشاكل وعقبات إلا ان تلك الحكومة استطاعت ان تجعل القوة التنفيذية فى الختام واقعا ملموسا على أرض غزة.

3- كسر الحصار وزيارة روسيا
برغم دعاوى عزل الحكومة الفلسطينية من بداية خطواتها، إلا انها استطاعت كسر هذا الحصار عبر زيارة لروسيا وزيارات اخرى لبعض الدول الأوروبية.

4- الدعم الشعبى الإسلامى
لم يكن المواطن المسلم أو العربى يخرج درهما من جيبه لفسلطين قبل أن يعيد التفكير مائة مرة فى مصير هذا الدرهم، ولكن بعد ان تولت حماس السلطة رأينا الدعم المالى والتضامن الشعبى الواسع، حتى ليجمع فى أقل من 4 ساعات مبلغ مليون جنيه مصرى فى احد الندوات لصالح الحكومة من أناس بسطاء، حتى جاد الواجد منهم بذهب زوجته أو هاتفه المحمول او مفتاح شقة له أو بعض جنيهات فى جيبه. جاد الجميع ولازالوا على استعداد للجود مادمت هذه الاموال تقع فى ظنهم فى يد من يثقون فى أنهم سيصرفون تلك الاموال فى مصارفها الصحيحية.

5- جمع الاموال وادخالها

ولم يقف الأمر عند جمع المال من الشعوب المسملة بل تخطاه لدعم الحكومات التى كانت كثيرا من قبل تتمنع فى تسديد مستحقات عليها لفلسطين نتيجة لما يعلمه الجميع عن فساد فى ما سبقها من حكومات، بل تجاوز الأمر لادخال بعضا من تلك الأاموال عبر المعابر كما حدث مع وزير الخارجية والمتحدث باسم حماس.

6- الغاء الاستفتاء

والذى كان سيعد بنقطة حرجة فى تاريخ القضية الفلسطينين بما كان سيتبعه من انشقاق فى الداخل الفلسطينى بل وربما لحرب اهلية، ووعدت حماس من البداية أن مثل هذا الاستفتاء لن يتم، ومرت الأيام وصدق موعود حماس.

7- عدم الاعتراف باسرائيل

برغم كل ما مورس من ضغوطات واعتقالات واغتيالات وتهديدات، إلا ان حماس لا زالت محافظة على ثوابتها متمسكة بمبادئها ولم تعترف بإسرائيل حتى الآن.

8- القدرة على المزاوجة بين السياسة والمقاومة

وكان هذا التحدى الأكبر والسؤال المحير، هل تترك حماس المقاومة المسلحة بعد ان أصبحت ضلعا فى اللبعة السياسية، وجاءت عملية الوهم المتبدد، لتبدد الحيرة ولتجيب على السؤال بجواب عملى ناصع الوضوح، وبعملية عسكرية نوعية أقل ما يقال عنها ولا أروع. ولتستمتع بعدها بادارة متقنة لجوانب عملية تبادل الأسرى، وتوزيع الادوار ببراعة بين الحكومة والحركات المقاومة ولا سيما حماس.

9- الشروع فى تشكيل حكومة وحدة وطنية ورضوخ القوى لرغبتها فى بعد تمنعها فى البداية

بعد ان تمنعت فى البداية راغبة فى الفوز بالكعكة بعيدا عن حماس، ها هى بعد مرور شهور6 قد أيقنت أن حماس ليست ذلك الغصن الأخضر الطرى الذى ظنته، وانها أقوى عودا وأصلب عمودا من أن ينهكها ويركعها الحصار والفتن والمؤامرات. فعادت تلك القوى لتراجع من جديد حساباتها وترضخ لحكومة تمسك بزمامها حماس.

10- قبول شعبى ولعل آخر دليل عليه انتخابات المحاسبين

ويبقى هو المحور الرئيس ورمانة الميزان، وهو قبول الشعب وتمسكه باختياره برغم شهور الجوع والحصار ال 6. ولعل انتخابات التجاريين وفوز حماس فيها، لدليل واضح أن شعبيتها لم تتأثر لأقوال المرجفين والمغرضين، بل على العكس استوطنت شعبيتها وملكت مام وعقول وقلوب شباب المسلمين وشيوخهم على اختلاف الأمصار وتعدد البلدان والأوطان. مثالا للعزة الإسلامية والكرامة العربية المفقودة منذ زمن.

أخيرا هذا المقال ليس دعوة للتفاؤل والاطمئنان والراحة، بل على العكس, مشروعنا فى فلسطين يمر بزلزال بكل ما تعنيه الكلمة من معنى واضطراب، والعبرة بمن سيبقى متشبثا مدافعا عن المشروع وباذلا له الغالى والرخيص والثمين والنفيس لتتجذر جوانبه ويصبح شجرة ثابتة تتفرع بعد ذلك فروعها ظلالا وثمارا تنشر عدلا وعزة ونصرا، ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبا.

-----------------------

ملحوظة: هذا الموضوع تم اضافته بعد بدأ المدونة فعليا، وتم وضعه بتاريخ كتابته

0 التعليقات:


Blogger Template by Blogcrowds


Copyright 2006| Blogger Templates by GeckoandFly modified and converted to Blogger Beta by Blogcrowds.
No part of the content or the blog may be reproduced without prior written permission.